ظاهرة الديجافو ولماذا تحدث معنا؟
هل سبق لك أن مررت بموقف ما وشعرت أنّك مررت به سابقاً؟! هل شعرت أنّ ذلك الموقف قد تكرر حرفياً؟
هذا الشعور أو هذه الظاهرة تسمى “ديجافو”
وهو مصطلح فرنسي يعني حرفياً (شوهد من قبل)
هذا الشعور غالباً لا يدوم لمدة طويلة أبداً, حيث أنّه يبقى حوالي خمسة عشر الى ثلاثون ثانية تقريباً.
لنتوسع أكثر عن هذه الظاهرة والحالة التي اعتبرها بعض العلماء ظاهرة غريبة وخارقة للطبيعة.
-تم إطلاق عليها هذا الاسم من قبل العالم الفرنسي “إميل بواراك” في كتابه “مستقبل علم النفس”
وحالة الديجافو هي ذلك الشعور الذي يشعر به الفرد بأنّه قد رأى أو عاش الموقف الحاضر من قبل ويلازم هذه الظاهرة شعور بالمعرفة المسبقة وشعور بالرهبة والغرابة.
كما أنها واحدة من الظواهر التي ليس فقط يصعب تحديدها بل أيضاً يصعب دراستها لأنها تحدث مع الفرد بشكل مفاجئ دون سابق إنذار.
تشير الاحصائيات الأخيرة الى أن 70% من الأشخاص تحدث معهم هذه الظاهرة من وقت الى آخر, وقد قسّمها بعض علماء النفس الى ثلاثة أنواع:
- Déjà Vécu ” تم روايته سابقاً “
- Déjà senti ” تم الشعور به سابقاً “
- Déjà Visité ” تم زيارته سابقاً “
وتكون هذه الظاهرة بذروتها من سن الخامسة عشر الى سن العشرون وبعد تجاوز سن الخامسة والعشرون تبدأ بالانخفاض تدريجياً,
لماذا؟ ما هو تفسير هذه الظاهرة؟ ولماذا تحدث معنا؟ وهل ظاهرة الديجافو مرتبطة بأمور تعتبر من الأمور الما ورائية؟
تفسير ظاهرة الديجافو
لقد أقيمت العديد من الأبحاث والدراسات حول هذه الظاهرة وتفسيرها وسبب حدوثها,
رغم أنّه من الصعب رصدها لكن هناك أكثر من نظرية حاولت تفسير سبب حدوث هذا الموضوع!
احدى هذه النظريات هي نظرية ” Dual processing theory”
حيث تقول هذه النظرية أن التفسير لهذه الظاهرة موجود بالدماغ وتحديداً في منطقة ” Medial Temporal Lope “
والتي هي مسؤولة عن الذاكرة بشكل عام, وداخل هذه المنطقة هناك شيء يدعى ” Hippo campus ” وهو المسؤول عن الذاكرة
وبالتحديد عن الذاكرة طويلة المدى, كما انّه مسؤول عن الذكريات المتسلسلة, أي التي تسمح لنا بالتمييز بين الأحداث والمواقف المتشابهة,
يمكنك أن تقول أنّ هذه المنطقة تقول: لقد رأيتك من قبل لكن لا أعرف أين, أو أنت تشبه احد ما لكن لا أتذكر من هو أبداً!
- إذاً عندما يحدث معك شيء ما فإنّه يذهب بشكل مباشر الى الذاكرة القصيرة المدى ثم يتم تخزينه في الذاكرة طويلة المدى
- ويعتقد بعض العلماء انّه في بعض الأحيان يحدث حالة من عدم التزامن بعملية تخزين الذكريات القصيرة والطويلة فيقوم ال Hippo campusبتخزين هذه الذكرى على أنها ذكرى طويلة الأمد او أنّها ذكرى قديمة قبل بأجزاء من الثانية من أن يقوم بتسجيلها على أنّها ذكرى قصيرة الأمد أو أنّها ذكرى جديدة,
- وهذا عادة ما يكون بسبب حدوث تشابك في بعض الاعصاب المسؤولة عن الذاكرة قصيرة المدى والذاكرة طويلة المدى
- فالأحداث يتم تخزينها في الذاكرة قبل أن تذهب إلى قسم الوعي في المخ البشري وتعالج هناك.
- وهذه الحالة من عدم التزامن في تخزين الذكريات تخدع دماغك فتعتقد أن هذه الذكرى قديمة على الرغم من أنّها ذكرى جديدة وقد حدثت معك الآن ولم تحدث معك سابقاً
فتختلط عليك الأمور وتعتقد انّها ذكرى قديمة لكنّها في الحقيقة ليست سوى ذكرى جديدة.
هل يوجد نظرية أخرى تفسّر هذه الظاهرة؟
أجل, يوجد نظرية أخرى تقول أنّه بما أنّ ظاهرة الديجافو تحدث أكثر مع الأشخاص الذين يبلغون من العمر أقل من 25 عاماً
فقاموا بربط الظاهرة بإفراز “الدوبامين”, لأن إفراز الدوبامين يكون عالياً في هذه السنوات.
لماذا تم ربط الظاهرة بإفراز هرمون “الدوبامين”؟
تم ربط إفراز هرمون الدوبامين بظاهرة الديجافو بعد الحالات الغريبة التي حدثت مع طبيب يبلغ من العمر 40 عاماً تقريباً
حيث أنّ الطبيب أصيب بالمرض فأخذ جرعة من أحد الأدوية التي تزيد إفراز هرمون الدوبامين, وعندما بدأ الدواء بإعطاء مفعوله بعد 24 ساعة ازدادت عند الطبيب حالة الديجافو
وعندما توقف الطبيب عن أخذ الدواء الذي تسبب بزيادة إفراز هرمون الدوبامين عاد الى حالته الطبيعية وتوقفت ظاهرة الديجافو عن الحدوث معه.
هل تعد ظاهرة الديجافو من الاضطرابات النفسية؟
بعض العلماء حاول إيجاد رابط بين ظاهرة ديجافو وبين بعض الأمراض النفسية كإنفصام الشخصيّة والقلق , لكنّهم فشلوا في ذلك
لأنّه ليس هناك أي علاقة بين هذه الظاهرة وبين هذه الأمراض و الاضطرابات النفسية,
حيث أنّ العلاقة الأقوى وجدت بين ظاهرة الديجافو ومرض صرع الفص الصدغي في المخ. ليكون التفسير الذي توصل له العلماء نتيجة ذلك هو أنّ ظاهرة الديجافو هي نتاج لخلل في عمليّة تفريغ الشحنات الكهربائية في المخ.